كانت القاضية للكاتبة جليلة وريث
صفحة 1 من اصل 1
كانت القاضية للكاتبة جليلة وريث
قصة ، من : جليلة وريث
ما كان يعلم أنه اليوم الأخير من عمره ... عقد حاجبيه و هو يلعن فردة الحذاء اليمنى الضيقة ... رفس برجله في الأرض كأنه يجبر قدمه على أن تتقلّص بما يناسب الفردة النازية ... مشى في الشارع الخاوي ... سيارة مسرعة سفحت ماءا آسناً من الأرض و رمته على معطفه و بنطاله الكاكي ... أراد أن يسبّ السائق و البوّاب و البلدية و المرافق و جميع من تسبب في هذا العطل لزي عمله ... في الباص ظل لنصف ساعة يحاول استمالة العجوز الصارم قربه ليجرّه إلى مجاراته في غضبه من هذه البلاد " الوسخة " ... رمقه هذا بنظرة لا لون لها ... و عاد هو يبرطم ... لو كنا في أمريكا لقاضيت المسؤول عن هذا و هو يشير إلى البنطال الملوث .... لم ينتبه إلى العجوز و هو يلكز الشاب الذي يجاوره و يغمز له و يهمس : وشواشه ...
الشمس الشتائية تواقحت و قرصت بصره ... فرك عينيه و هو يساوم بائع الخضروات الذي افترش رصيفا قرب محل عمله ... ككل يوم ... كان يساوم و يناكف لكنه لا يشتري ... يبتسم ببلاده للعجوز المصري و يتباهى بأنه : طيّح له سعره .. ثم ينصرف و هذا الأخير يحوقل ... عادت الشمس تفقأ عينه اليسرى التي تكون غالبا نصف مغمضه ... تذكر أنه نسي نظارته الشمسية الرخيصة ... لعن الأولاد الذين يحلو لهم نشلها من جيب المعطف و العبث بها في ساعات الظهيرة ....( لم ينتبه لغياب قدّاحته لذات السبب ) ... هالذرّية الغبرا .... فكّر في نفسه .... أما كان أسعد حالا بدونهم ؟ لم أنجبهم و صرف عليهم الي وراه و الي قدّامه ؟ لو وفّر رسوم دراستهم و ألعابهم و معيشتهم لكان الآن يملك سيارة تزمجر في الشارع و تصفع الماء الراكد و تبلل البنطال الكاكي لموظف آخر منصرف لعمله .... قاطعه فرّاش المصلحة بفنجان قهوه و تحية الصباح ... لم يكلّف خاطره عناء ردّها ... مخاطريش نساير حد اليوم ... هكذا علّل لنفسه .... منصرفا ... كان الشارع كما هو صباحا ... شمس الظهيرة كانت أشدّ وطأة على عينيه العاريتين ... رفع كفّه اليسرى كمظلّة تحجب هجوم الشمس عن ناظريه و يده اليمنى كانت تمسك بجرائد اليوم التي اعتاد أن يختلسها من المصلحة ليقرأها مع قهوة المغرب كل يوم ... في رمضان سمع شيخاً يقول إن هذا حرام ... حتى قلم الحبر الذي قد تنساه عرضا في جيبك و تعود به من العمل و توقع به صحيفة أحد الأولاد و يصير بالتالي ملك يمينك ... حرام ... هذه سرقة .... اختار ان ينتقي من كلمات الشيخ ما يناسبه و أضمر أن لن يتوب عن سرقة جرائده المفضلة ... خطا عن الرصيف ... قطع أول خطوتين من الطريق و في الخطوة الثالثة صفعته – هو هذه المرة – سيارة عجلى لم يرها تجتاز الناصية بسبب كفه التي تحجب زاويتها .... أراقته على الرصيف .... شعر بعظامه تتفتت و تبعثرت جرائده قرب بائع الخضار الذي هرع إليه ... تراءى له وجهه بعيداً و هو يصرخ : قول لا إله إلا الله ... لكن كل ما كان يجول بذهنه صورة الأولاد ... انفرجت شفتاه ببطء و همس كلماته الأخيرة بصوت متحشرج :
- ريحولي النظاره ... ولاد الكلبة ....
ما كان يعلم أنه اليوم الأخير من عمره ... عقد حاجبيه و هو يلعن فردة الحذاء اليمنى الضيقة ... رفس برجله في الأرض كأنه يجبر قدمه على أن تتقلّص بما يناسب الفردة النازية ... مشى في الشارع الخاوي ... سيارة مسرعة سفحت ماءا آسناً من الأرض و رمته على معطفه و بنطاله الكاكي ... أراد أن يسبّ السائق و البوّاب و البلدية و المرافق و جميع من تسبب في هذا العطل لزي عمله ... في الباص ظل لنصف ساعة يحاول استمالة العجوز الصارم قربه ليجرّه إلى مجاراته في غضبه من هذه البلاد " الوسخة " ... رمقه هذا بنظرة لا لون لها ... و عاد هو يبرطم ... لو كنا في أمريكا لقاضيت المسؤول عن هذا و هو يشير إلى البنطال الملوث .... لم ينتبه إلى العجوز و هو يلكز الشاب الذي يجاوره و يغمز له و يهمس : وشواشه ...
الشمس الشتائية تواقحت و قرصت بصره ... فرك عينيه و هو يساوم بائع الخضروات الذي افترش رصيفا قرب محل عمله ... ككل يوم ... كان يساوم و يناكف لكنه لا يشتري ... يبتسم ببلاده للعجوز المصري و يتباهى بأنه : طيّح له سعره .. ثم ينصرف و هذا الأخير يحوقل ... عادت الشمس تفقأ عينه اليسرى التي تكون غالبا نصف مغمضه ... تذكر أنه نسي نظارته الشمسية الرخيصة ... لعن الأولاد الذين يحلو لهم نشلها من جيب المعطف و العبث بها في ساعات الظهيرة ....( لم ينتبه لغياب قدّاحته لذات السبب ) ... هالذرّية الغبرا .... فكّر في نفسه .... أما كان أسعد حالا بدونهم ؟ لم أنجبهم و صرف عليهم الي وراه و الي قدّامه ؟ لو وفّر رسوم دراستهم و ألعابهم و معيشتهم لكان الآن يملك سيارة تزمجر في الشارع و تصفع الماء الراكد و تبلل البنطال الكاكي لموظف آخر منصرف لعمله .... قاطعه فرّاش المصلحة بفنجان قهوه و تحية الصباح ... لم يكلّف خاطره عناء ردّها ... مخاطريش نساير حد اليوم ... هكذا علّل لنفسه .... منصرفا ... كان الشارع كما هو صباحا ... شمس الظهيرة كانت أشدّ وطأة على عينيه العاريتين ... رفع كفّه اليسرى كمظلّة تحجب هجوم الشمس عن ناظريه و يده اليمنى كانت تمسك بجرائد اليوم التي اعتاد أن يختلسها من المصلحة ليقرأها مع قهوة المغرب كل يوم ... في رمضان سمع شيخاً يقول إن هذا حرام ... حتى قلم الحبر الذي قد تنساه عرضا في جيبك و تعود به من العمل و توقع به صحيفة أحد الأولاد و يصير بالتالي ملك يمينك ... حرام ... هذه سرقة .... اختار ان ينتقي من كلمات الشيخ ما يناسبه و أضمر أن لن يتوب عن سرقة جرائده المفضلة ... خطا عن الرصيف ... قطع أول خطوتين من الطريق و في الخطوة الثالثة صفعته – هو هذه المرة – سيارة عجلى لم يرها تجتاز الناصية بسبب كفه التي تحجب زاويتها .... أراقته على الرصيف .... شعر بعظامه تتفتت و تبعثرت جرائده قرب بائع الخضار الذي هرع إليه ... تراءى له وجهه بعيداً و هو يصرخ : قول لا إله إلا الله ... لكن كل ما كان يجول بذهنه صورة الأولاد ... انفرجت شفتاه ببطء و همس كلماته الأخيرة بصوت متحشرج :
- ريحولي النظاره ... ولاد الكلبة ....
عثمان المنتصر- مشرف
- عدد المساهمات : 184
تاريخ التسجيل : 06/12/2010
العمر : 35
الموقع : درنة / ليبيا
مواضيع مماثلة
» سيجارة حلم لجليلة وريث
» للكاتبة " سمر سالم"
» للكاتبة " نورا بوضاي"
» ليتك لم تكن ، للكاتبة " نوال محمد"
» للكاتبة " سمر سالم"
» للكاتبة " نورا بوضاي"
» ليتك لم تكن ، للكاتبة " نوال محمد"
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت سبتمبر 19, 2020 12:39 pm من طرف بالمسه
» مؤشر السوق السعودي يتراجع مع إنخفاض أسهم أرامكو - سابك - الراجحي
الأربعاء يوليو 01, 2020 9:43 am من طرف بالمسه
» سهم موبايلي - اتحاد اتصالات يفتتح التداول على إرتفاع ملحوظ رغم سلبية المؤشرات
الأربعاء يوليو 01, 2020 9:31 am من طرف بالمسه
» سهم كهرباء السعودية وإستمرار الخضوع للضغط السلبي
الثلاثاء يونيو 30, 2020 8:09 pm من طرف بالمسه
» تسجيل 50 وفاة و4387 إصابة جديدة بفيروس "كورونا"اليوم في السعودية
الثلاثاء يونيو 30, 2020 4:15 pm من طرف بالمسه
» المؤشر العام - مؤشر السوق السعودي يهوي بشكل غير ملحوظ رغم إرتفاع سابك وسهم أرامكو
الإثنين يونيو 29, 2020 4:00 pm من طرف بالمسه
» كلية الملك خالد العسكرية تعلن فتح باب التسجيل لحملة الشهادة الثانوية العامة
الإثنين يونيو 29, 2020 2:00 pm من طرف بالمسه
» سهم زين السعودية يفتتح باللون الأخضر مع هذا المؤشرات تشير إلى إستمرار السلبية
الإثنين يونيو 29, 2020 11:55 am من طرف بالمسه
» سهم لازوردي يكمل الصعود وسط التوقعات بتحسن مكاسب الشركة
الإثنين يونيو 29, 2020 11:47 am من طرف بالمسه