الاحتفال // لــ سلوى الحمصي
صفحة 1 من اصل 1
الاحتفال // لــ سلوى الحمصي
قصة ، من : سلوى الحمامصي
إلى روح الشهيد محمد عماد حسين
-------------------
لا تريد أن تذهب للاحتفال، سارحة فى صورته المعلقة على الحائط و بالتحديد فى عينيه الباسمتين دائما ، ستعتذر بأى شىء رغم إنهم اتصلوا بها ووجهوا لها الدعوة عدة مرات للـتأكد من حضورها.
ماذا ستقول ؟ كيف ستتمالك نفسها أمام هذا الجمع بدونه؟
لن تذهب، وستعتذر تليفونيا، استدارت لتبحث عن الهاتف صادفتها صورته مرة أخرى وكأن عينيه تناديها أن نتذهب لاجل خاطره، سيكون هناك وسائل إعلام كثيرة، سيكون سعيدا إذا علم بذهابها.
-لن تذهب اليوم .
-لماذا يا أمى ؟
-أقسم أنك لن تذهب يكفى ذهابك فى الأيام السابقة.
-هذه بلدى،لابد أن أذهب.
-يضحك باسما، ثم يقول:
-إن أخذت رصاصة سأكون شهيدا.
هل سنموت؟ همس لصديقه وشبح ابتسامة يحاول أن يقتنصها رغم هول الموقف، وهما يختبئان وراء شجرة عجوز ضاربة بفروعها فى الأرض .
كانت طلقات الرصاص تنطلق متتابعة فتخترق أوراق الشجرة فوقهما، بدأ فى ترديد الشهادة عدة مرات و مثله فعل صاحبه الذى همس له دعنا نجرى من هنا، انطلقا من وراء الشجرة يجريان وسط جثث القتلى والجرحى يرمقانها ولا يستطيعان التوقف لنجدة أحدهم، شعر محمد بشىء يلسعه فى ظهره، قال له صاحبه لعله حجر قذفه أحد الخائنين، تابعا جريهما ، بعدها عاودا الانضمام لصفوف حشود مئات المتظاهرين بعد أن تراجعت قوات الشرطة قليلا للخلف أمام ثباتهم.
جرب هذا النوع من المطاردات من خلال ألعاب الكمبيوتر وهو صغير، الهجوم ثم الهروب من العدو فى الوقت المناسب، لكنها المرة الأولى فى حياته التى يمر فيها بتجربة حقيقية كهذه،اليوم وقد تعدى العشرين ربيعا ، لم يكن يتخيل من أن يشارك فى مظاهرة شعبية فى بلاده لقمع الظلم والفساد، صحيح أنه وصلته على فيس بوك دعوات كثيرة للانضمام لمظاهرة 25 يناير، لكنه لم يهتم ، أو بالأدق لم يكن يشغل باله حال الشعب الفقير الذى أنهكه المعاناة الصامتة لسنوات ، كان من أسرة متوسطة لم يجري معاناة حقيقية كآخرين من فئات بسيطة، ولكن الثورة التى إشتعلت جذوتها منذ أيام جعلته يفيق لما يحدث حوله من انتهاكات لحقوق الكرامةالإنسانية، وما تفيض به الصحف من قصص المعذبين والمجنى عليهم ، الناطقيين بالحق ، المناديين بالحريات .
كانت الصرخات تتعالى، الجموع تتزايد وتتزاحم ، البعض يقابل الرصاص الحى برمى الحجارة، والبعض الآخر ينادى سلمية سلمية، كانت جموع عساكر الآمن ورجال الشرطة يضربون بوحشية كل من تصل إليه أيديهم من الشباب المتظاهرين ، أدخنة القنابل المسيلة للدموع تغمر المكان فى إحدى أحياء العاصمة المشتعلة غضبا، لافتات كبيرة من مثبتة على جوانب الطرق : الشعب يريد إسقاط النظام ، إرحل، كان يهتف مع المتظاهرين نريد عيش، حرية ،كرامة، إنسانية، شعر بقذيفة ترتطم برأسه من الخلف ثم أخرى تخترق ظهره لتخرج من الصدر فتسقطه أرضا وينبطح صديقه بجانبه، يجرى أحد رجال الشرطة إليهما فرحا بإصابتهما يركلهما
بقدميه ثم يوجه نظره لمحمد وآخرين قائلا: هل تظنون أنفسكم رجالا يا ........
وصلت السيارة التى ستقلها إلى مكان الاحتفال، أصرت أن يحضر زوجها معها ،ترددت فى النزول من السيارة ،همس لها يشجعها: تذكرى ،هذا تكريم له .
وصلت لقاعة الاحتفال استقبلها مدير الأكاديمية ، حشود كبيرة من الطلبة اصطفوا لمصافحتها وتقبيل يدها، قائلين مرحبا أمنا، صوره على الحوائط فى كل مكان بالأكاديمية ، الموسيقى الحزينة تنساب مع دموعها، عيناه الباسمتين تخاطبها، تشجعى يا أمى ، تشممت عبيره فى وجوه زملائه، تذكرت وهى تتسلم ميداليته الفضية نقش عليها اسمه قوله ذات مرة: يوما ما ستفخرون بى
إلى روح الشهيد محمد عماد حسين
-------------------
لا تريد أن تذهب للاحتفال، سارحة فى صورته المعلقة على الحائط و بالتحديد فى عينيه الباسمتين دائما ، ستعتذر بأى شىء رغم إنهم اتصلوا بها ووجهوا لها الدعوة عدة مرات للـتأكد من حضورها.
ماذا ستقول ؟ كيف ستتمالك نفسها أمام هذا الجمع بدونه؟
لن تذهب، وستعتذر تليفونيا، استدارت لتبحث عن الهاتف صادفتها صورته مرة أخرى وكأن عينيه تناديها أن نتذهب لاجل خاطره، سيكون هناك وسائل إعلام كثيرة، سيكون سعيدا إذا علم بذهابها.
-لن تذهب اليوم .
-لماذا يا أمى ؟
-أقسم أنك لن تذهب يكفى ذهابك فى الأيام السابقة.
-هذه بلدى،لابد أن أذهب.
-يضحك باسما، ثم يقول:
-إن أخذت رصاصة سأكون شهيدا.
هل سنموت؟ همس لصديقه وشبح ابتسامة يحاول أن يقتنصها رغم هول الموقف، وهما يختبئان وراء شجرة عجوز ضاربة بفروعها فى الأرض .
كانت طلقات الرصاص تنطلق متتابعة فتخترق أوراق الشجرة فوقهما، بدأ فى ترديد الشهادة عدة مرات و مثله فعل صاحبه الذى همس له دعنا نجرى من هنا، انطلقا من وراء الشجرة يجريان وسط جثث القتلى والجرحى يرمقانها ولا يستطيعان التوقف لنجدة أحدهم، شعر محمد بشىء يلسعه فى ظهره، قال له صاحبه لعله حجر قذفه أحد الخائنين، تابعا جريهما ، بعدها عاودا الانضمام لصفوف حشود مئات المتظاهرين بعد أن تراجعت قوات الشرطة قليلا للخلف أمام ثباتهم.
جرب هذا النوع من المطاردات من خلال ألعاب الكمبيوتر وهو صغير، الهجوم ثم الهروب من العدو فى الوقت المناسب، لكنها المرة الأولى فى حياته التى يمر فيها بتجربة حقيقية كهذه،اليوم وقد تعدى العشرين ربيعا ، لم يكن يتخيل من أن يشارك فى مظاهرة شعبية فى بلاده لقمع الظلم والفساد، صحيح أنه وصلته على فيس بوك دعوات كثيرة للانضمام لمظاهرة 25 يناير، لكنه لم يهتم ، أو بالأدق لم يكن يشغل باله حال الشعب الفقير الذى أنهكه المعاناة الصامتة لسنوات ، كان من أسرة متوسطة لم يجري معاناة حقيقية كآخرين من فئات بسيطة، ولكن الثورة التى إشتعلت جذوتها منذ أيام جعلته يفيق لما يحدث حوله من انتهاكات لحقوق الكرامةالإنسانية، وما تفيض به الصحف من قصص المعذبين والمجنى عليهم ، الناطقيين بالحق ، المناديين بالحريات .
كانت الصرخات تتعالى، الجموع تتزايد وتتزاحم ، البعض يقابل الرصاص الحى برمى الحجارة، والبعض الآخر ينادى سلمية سلمية، كانت جموع عساكر الآمن ورجال الشرطة يضربون بوحشية كل من تصل إليه أيديهم من الشباب المتظاهرين ، أدخنة القنابل المسيلة للدموع تغمر المكان فى إحدى أحياء العاصمة المشتعلة غضبا، لافتات كبيرة من مثبتة على جوانب الطرق : الشعب يريد إسقاط النظام ، إرحل، كان يهتف مع المتظاهرين نريد عيش، حرية ،كرامة، إنسانية، شعر بقذيفة ترتطم برأسه من الخلف ثم أخرى تخترق ظهره لتخرج من الصدر فتسقطه أرضا وينبطح صديقه بجانبه، يجرى أحد رجال الشرطة إليهما فرحا بإصابتهما يركلهما
بقدميه ثم يوجه نظره لمحمد وآخرين قائلا: هل تظنون أنفسكم رجالا يا ........
وصلت السيارة التى ستقلها إلى مكان الاحتفال، أصرت أن يحضر زوجها معها ،ترددت فى النزول من السيارة ،همس لها يشجعها: تذكرى ،هذا تكريم له .
وصلت لقاعة الاحتفال استقبلها مدير الأكاديمية ، حشود كبيرة من الطلبة اصطفوا لمصافحتها وتقبيل يدها، قائلين مرحبا أمنا، صوره على الحوائط فى كل مكان بالأكاديمية ، الموسيقى الحزينة تنساب مع دموعها، عيناه الباسمتين تخاطبها، تشجعى يا أمى ، تشممت عبيره فى وجوه زملائه، تذكرت وهى تتسلم ميداليته الفضية نقش عليها اسمه قوله ذات مرة: يوما ما ستفخرون بى
Q.N.H- نائب مدير
- عدد المساهمات : 211
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
العمر : 62
الموقع : تاجوراء / ليبيا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت سبتمبر 19, 2020 12:39 pm من طرف بالمسه
» مؤشر السوق السعودي يتراجع مع إنخفاض أسهم أرامكو - سابك - الراجحي
الأربعاء يوليو 01, 2020 9:43 am من طرف بالمسه
» سهم موبايلي - اتحاد اتصالات يفتتح التداول على إرتفاع ملحوظ رغم سلبية المؤشرات
الأربعاء يوليو 01, 2020 9:31 am من طرف بالمسه
» سهم كهرباء السعودية وإستمرار الخضوع للضغط السلبي
الثلاثاء يونيو 30, 2020 8:09 pm من طرف بالمسه
» تسجيل 50 وفاة و4387 إصابة جديدة بفيروس "كورونا"اليوم في السعودية
الثلاثاء يونيو 30, 2020 4:15 pm من طرف بالمسه
» المؤشر العام - مؤشر السوق السعودي يهوي بشكل غير ملحوظ رغم إرتفاع سابك وسهم أرامكو
الإثنين يونيو 29, 2020 4:00 pm من طرف بالمسه
» كلية الملك خالد العسكرية تعلن فتح باب التسجيل لحملة الشهادة الثانوية العامة
الإثنين يونيو 29, 2020 2:00 pm من طرف بالمسه
» سهم زين السعودية يفتتح باللون الأخضر مع هذا المؤشرات تشير إلى إستمرار السلبية
الإثنين يونيو 29, 2020 11:55 am من طرف بالمسه
» سهم لازوردي يكمل الصعود وسط التوقعات بتحسن مكاسب الشركة
الإثنين يونيو 29, 2020 11:47 am من طرف بالمسه